مقدمه
ظهرت في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري
بواكير النهضه الفنيه في الشعر العربي الحديث
واستمرت متدفقه خلال ماقطعناه من القرن الرابع عشر
اذا تنوعت اتجاهات الشعر وتحددت مذاهبه
ويمكن رصد عده اتجاهات او مدارس فنيه اطلق عليها النقاد
والدارسون تسميات خاصه مثل
مدرسه الاحياء
ومدرسه الديوان
والمدرسه الرومانسيه ][ مدرسه ابولو وشعراء المهجر ][
ثم وجدت بعد ذلك مدرسه الشعر الجديد ولازال
الصراع دائرا حولها إلى الان
وليس معنى هذا الترتيب
ان هذه الاتجاههات لاتتداخل زمنيا
بل هي متداخله ومتصارعه في كثير من الاحيان
فقد ظهرت مدرسه الديوان ومدرسه الاحياء
في اوج ازدهارها وتلتهما .. مدرسه ابولو وعاصرتهما ايضا
ومازال شعراء الاتجاهات الثلاثه
حتى اليوم .. ينظمون شعرهم بعد ان ظهرت المدرسه الحديثه
تزاول تجاربها وتحاول ان تثبت وجودها ..
هذه مقدمه بسيطه عن اتجاهات الشعر العربي الحديث
وساشرح بالتفصيل كل مدرسه على حدا ..
**************************************************
اولا .. ][ مدرسه الاحياء ][
راينا شعرنا العربي في النصف الاول من القرن الثالث
عشر الهجري لايكاد يخرج
من الاطار العثماني .. وحين نمضي في النصف الثاني من هذا القرن
ياخذ هذا الاطار في التغير والتحطم من بعض جوانبه
اطلع العلماء على شعر القرون الاولى في الاسلام
والشعر في الجاهليه
فوجودا ان ذاك الشعر كان شعرا طبيعا يصور حياه اصحابه
تصويرا دقيقا فالشاعر مثل امروى القيس في العصر الجاهلي
او جرير في العصر الاموي او المتنبي في العصر العباسي
وغيرهم من الشعراء .. كانوا يصورون بيئاتهم وشخصياتهم
كما ان شعرهم يخلو من تلك الاثقال البديعيه التي تفسد المعنى في اغلب الامر
وتقف حائلا بين الشاعر والتعبير الحر عن عصره ونفسه
ولذا فقد اخذت تظهر تباشير هذا التحول عند علي الليثي
وعبدالله فكري وعائشه التيموريه
غير انهم لم يتخلصوا تماما من البديعات والمخمسات
وانما الذي تخلص من هذ كل شاعر اخر هو/ محمود سامي البارودي
الذي يعتبر رائد حركه الاحياء وقد اطلق النقاد على البارودي وتلاميذه
ومن سار على نهجهم في الوقت الحاضر
مسمى ..
][ حركة الاحياء ومدرسه الاحياء ][
لانهم احيوا القصيده القديمه واعادوها إلى ماكانت عليه فنيا
في عصره الذهبي ..
فهم بذلك قد بعثوها من جديد ومن هنا اطلقوا عليها ايضا اصطلاح
][ مدرسه البعث ][
استطاع الباردوي رائد مدرسه الاحياء ورائد الشعر الحديث
ان ينقذ الشعر العربي من عثرة الاساليب الركيكه ومرحله التدهور
فرد إليه الحياه والروح
حياه نفسه وروح عصره وقومه
في الفتره التي عاش فيها .. اذ جعله متنفسا حقيقيا لعواطفه ومشاعر امته
وما ألم به وبها من احداث وخطوب
اضافه إلى ذلك محافظته إلى مقومات الشعر واوضاعه المورثه
الجزاله والرصانه حينا .. والعذوبه والسلاسه حينا اخر ..
اشهر المتأثرين بحركة او مدرسه الاحياء هم
احمد شوقي
حافظ ابراهم
احمد محرم ..
وقد كان معظم المتأثرين بذاك النهج ذو ثقافه اجنبيه
فكان شوقي على اتصال وثيق بالثقافه الفرنسيه
غير ان تاثير الادب العربي القديم كان له الغلبه على فن شوقي
اما حافظ ابراهيم فكان مثل البارودي لايتجه إلى الادب الغربي
بل كان اتجاهه إلى الادب القديم ومع ذلك لم يتأخر عن عصره وروحه
بل ربما كان اكثرا تفاعلا مع روح عصره وامته
لكن الظروف الماديه القاسيه هي التي جعلت حافظ ابراهيم
اقل ثقافه من زميليه احمد شوقي ومحرم ..
ومع ذلك لابد ان نجل عصاميته اذ كان شاعرا بطبعه لابثقافته
واستطاع ان يثبت للمنافسه مع احمد شوقي وغيره ..
وكما استطاع ان يلمس مشاعر الجماهير وخاصه الطبقه الفقيره
منها بشعره لانه يصور حالهم وامالهم
وقف حافظ ابراهيم لاولئك الذين حاربوا الاسلام في لغته فنظم قصيدته
الشهيره التي يقول فيها متحدثا بلسان اللغه العربيه
رموني بعقم في الشباب وليتني ... عقمت فلم اجزع لقول عداتي
ولدت ولما لم اجد لعرائســـي ... وجالا اكفاء وادت بناتــــي
وسعت كتاب الله لفظا وغـــاية ... وما ضفت عن آي به وعضات
فكيف اضيق اليوم عن وصف آلة .. وتنسيق اسماء لمخترعــــــات
انا البحر في احشائه الدر كامـــن .. فل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
ومن الشعراء الذين ساروا على هذا النهج في الوطن العربي
الشاعر محمد بين عثيمين في المملكه العربيه السعوديه
ومعروف الرصافي في العراق
وعمر ابو ريشه في سوريا
وخليل مطران في لبنان ثم في مصر
واخيرا حافظ شعراء مدرسه الاحياء على صوره القصيده العربيه
ولكنهم يسروا اساليبهم حتى تفهمها العامه
لم يعودوا يغربون فيها كما كان يغرب ابو تمام وابو العلاء ..
لانهم يريدون ان تفهم الطبقات الوسطى والدنيا مايقولون
لهذا لقي الشعراء اهتماما من الناس واذاعته الصحف تحقيقا لرغبات القراء
واستطاعت بذلك حركه الاحياء ان تبعث نهضه جديده في الشعر العربي ..
وإليكم السمات الشعريه الاساسيه في مدرسه الاحياء ..
محاكاه الشعر العربي القديم في اوج عزته والنهوض به من حالته المترديه
كذلك
قوة الاسلوب والعنايه به عنايه فائقه والابتعاد عن الاخطاء اللغويه والركاكه
في الاسلوب
ايضا ..
استخدام القصيده بمظهرها المعروف . ذات الوزن والقافيه المتحدين
وكثيرا ما ابتدؤوا قصائدهم بالغرل ... كعاده العشراء القدامى
كما انهم لم يهتموا غالبا لوحدة الموضوع ..
واخيرا تناول الموضوعات القديمه دن تغير يذكر
إلا ماتقتضيه طبيعة العصر وظروفه .. وربط الشعر بالمجتمع
عن طريق معالجة مشاكله
ثانيا مدرسه الديوان
يختلف فهم هذا الجيل للشعر عن فهم شعراء مدرسه
الاحياء
فهو من جهة يريد ان يكون الشعر تعبيرا عن النفس لابمعناها الفردي
الخاص بل بمعناها الانساني العام
وماتظطرب به من خير وشر والم ولذه
ومن جهة اخرى يردي ان يكون الشعرا تعبيرا عن الطبيعه
وحقائقها واسرارها
فليس الشعر اناشيد وطنيه ولا قوميه ولاهو تسجيل لحوادث الامه
تاثر هذا الجيل بالثقافه الاوربيه والانجليزيه
ولم يكن تأثر تقليد ومحاكاه بل كان يستوحيه
ويتصل باصحابه اتصالا مستمرا عن طريق القراءة لشعرائه
والانتفاع باراء النقاد الانجليز مثل هازلت
رواد مدرسه الديوان
عبدالرحمن شكري ..
ابراهيم عبدالقادر المازني
عبوس محمود العقاد
وكان اول من نشر محاولاته هو عبدالرحمن شكري حين اخرج
ديوان ضوء الفجر ويتبعه فيه هذا الاتجاه الجديد
اذ تعالج قصائده معاني انسانيه عامه
كان شعراء هذه المدرسه يستخدمون لغه بسيطه
وتراكيب لغويه غير معقده فليس لديهم مايسمى صياغه شعريه
ومايسمى غير شعريه
بل كل الالفاظ صالحه لان تكون ماده للشاعر ينشد منها الحانه
حيث انهم لم يقتصروا على القديم كما هو في مدرسه الاحياء
بل اتخذوا منهج التوسع في اللغه كلها
وقد استخدم شكري في شعره تجربته الشعر المزدوج
والشعر المزودج هو اتحاد القافيه في شطري البيت
واختلافها من بيت إلى اخر
كذلك استخدم نوعا جديدا من الشعر ومايسمى عند الغربيين
بالشعر المرسل
وفيه يتقيد الشاعر بالوزن لكنه لايتقيد بالقوافي فكل بيت له قافيه خاصه
يقول المازني عن مدرسه الاحياء
ان شوقي وحافظ لايمتازان بشي عن القدماء وانها غير
صادقين فيما يعبران عنه
وقد هاجم المازني شعر حافظ ابراهيم مهاجمه شديده
ثم نشر العقاد والمازني معا كتابا سمياه
الديوان في نقد مدرسه الاحياء
حيث يقولان ان الشاعر عليه ان يتغلغل في اعماق الاشياء
حتى يذيع بواطنها واسرارها ولن يصل إلى ذلك إلا اذا كانت
له نفس قويه الاحساس بالكون ومشاهده
ومن السمات في هذه المدرسه الديوانيه ..
الاطلاع على الشعر العربي القديم ولاسيما العباسي دون محاكاته
ايضا الاستفاده من الادب الغربي وخاصه الادب الانجليزي
كذلك الدعوه إلى التجديد الشعري في الموضوعات وفي
الشكل والمضمون كالشعر المرسل
الجنوح إلى الشعر الوجداني الذي تطغى فيه شخصيه الشاعر
ويعبر فيه عن النفس بمعناها الانساني العام
اخيرا
الاستعانه بمدرسه التحليل النفسي التي تقول بان الابداع الادبي
قدره نفسيه وتجربه شعوريه صادقه وليس قدره بلاغيه
يلي مدرسه الديوان
مدرسه ابولو
منقول للفائده