في قصة طالعتني يقال :
انه في قديم الزمان قبل ان يخلق البشر كانت الفضائل والرذائل تجوبان الارض معاً ، حتى حل الملل يوماً .
وكحل اقترح الابداع لعبة اسماها " الاستغماية " فرحب الجميع بها وصرخ " الجنون " : انا سأبدأ فليختبيء الجميع وانا سأعد حتى المئة ثم اخرج للبحث عنكم .
اتكأ بمرفقيه الى جذع شجرة وبدأ العد ... واحد .. اثنان ..ثلاثة ..
وجدت " الرقة "مكانا لها فوق القمر
واخفت "الخيانة " نفسها في كومة زبالة
ودلف " الولع " بين الغيوم
ومضى "الشوق "الى باطن الارض
وقال " الكذب "بصوت عالٍ ساختفي بين الحجارة ثم توجه الى قاع البحيرة
واستمر "الجنون " بالعد ، وخلال ذلك كان الجميع يبحث عن اماكن ليختفي بها
ما عدا الحب لم يجد اي مكان يختفي فيه " وليس هذا بعجيب فكلنا يعلم ...ان الحب يصعب اخفاؤه "
وتابع الجنون العد حتى اذا ما كاد يصل الى المئة وجد الحب اجمة من الورود فاختفى بداخلها .
فتح الجنون عينيه " وبدأ البحث صائحا : انا آتٍ اليكم
كان " الكسل "اول من انكشف لانه لم يبذل جهدا في التخفي
ثم ظهرت" الرقة " من القمر
وانقطع نفس " الكذب " فخرج لاهثا من البحيرة
واشار "الجنون " الى " الشوق " ان عد من باطن الارض
وهكذا حتى وجدهم جميعا .. واحدا تلو الآخر ..
ما عدا الحب ...
كاد يصاب بالاحباط واليأس في بحثه عن الحب ..
اقترب منه الحسد وهمس في اذنه : ايها الجنون ان الحب مختفٍ في شجرة الورد
انطلق الجنون فالتقط شوكة خشبية اشبه بالرمح وبدأ يطعن اغصان الورد بطيش وبشدة ، ولم يوقفه الا نشيج بكاء يمزق القلوب ..
ظهر الحب وهو يحجب عينيه بيديه والدم يقطر من بين اصابعه ..
نظر اليه الجنون ملتاعا : يا الهي ماذا فعلت بك ؟
ارجوك قل لي ماذا افعل لاصلح غلطتي بعد ان افقدتك بصرك .
اجاب الحب : لن تستطيع اعادة بصري إليّ و لكن هناك ما تستطيع عمله .. كن دليلي .. كن دليلي حيث اسير ..واينما احل ..
وهذا ما حصل من يومها .. يمضي الحب اعمى يقوده الجنون ..
لذلك يقال : " حب مجنون "
لكن وسط هذا الجنون هناك ما نخسره ... وهناك ما نكسبه ...
فلا يكن ما نخسره هو انفسنا لأن من يخسر نفسه لن يبالي احد ان يكسبه ولا حتى احب الناس اليه .
__________________